تصاعد الانتهاكات في جنوب سوريا وضبابية مسار المفاوضات في أكتوبر 2025

أصدر مركز سجل بتاريخ 11 نوفمبر 2025 تقريره السردي الشهري الذي يتناول شهر أكتوبر 2025. ويستعرض التقرير أبرز التطوّرات الميدانية والسياسية، إضافةً إلى الواقع المعيشي والاقتصادي في جنوب سوريا. كما يشمل ملخّصاً لأبرز الدراسات والتقارير التي تناولت التواجد الإسرائيلي في سوريا خلال الشهر المذكور.

ملخّص تنفيذي

يكشف التقرير عن تحوّل نوعي في مقاربة الاحتلال الإسرائيلي لإدارة الميدان في شهر أكتوبر، إذ انتقل من مرحلة الضغط التكتيكي قصير الأمد التي سادت في سبتمبر إلى مرحلة أعمق من إعادة هندسة السيطرة الميدانية، تجمع بين التحركات البرية المنظمة، والرقابة الجوية الدقيقة، والرمزية السياسية والإدارية منخفضة الحدّة.

يُلاحظ توسيع العمق العملياتي داخل الأراضي السورية، عبر تنفيذ توغّلات متكررة تجاوزت حافة خط فضّ الاشتباك لتصل إلى عمق 12 كم في بعض المناطق، مثل كوم محيرس شمال خان أرنبة في ريف القنيطرة الشمالي، ترافقت مع أعمال حفر وتدمير وهندسة ميدانية ضمن مشروع “صوفا 53” في محيط بئر عجم. كما اعتمدت القوات الإسرائيلية على نموذج “الحضور المتنقل” عبر إقامة حواجز قصيرة الأمد واحتجازات مؤقتة، ما أسّس لنظام ضبط ميداني قائم على الإيقاع المتقطع والرقابة الاجتماعية غير المباشرة. هذه الأنماط الميدانية تعكس انتقال الاحتلال من نمط الردع إلى نمط التمركز الرمزي والهندسي، الذي يهدف إلى خلق واقع ميداني جديد دون الدخول في مواجهة مباشرة أو احتلال معلن.

سياسياً، مثّلت زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى موسكو منتصف أكتوبر حدثاً محورياً في سياق إعادة بناء التحالفات الأمنية، تزامنت مع مداولات في مجلس الأمن ركزت على الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة. في المقابل، واصلت واشنطن تحركاتها لتفعيل “اتفاق تهدئة أولي” يربط وقف الغارات بضمانات سورية حول تحرّكات الجيش في الجنوب، بينما تمسّكت دمشق بالإطار القانوني لاتفاق فصل القوات لعام 1974. تستخدم إسرائيل الميدان كأداة ضغط تفاوضي لتثبيت موقعها التفاوضي في أي تسوية قادمة، مستفيدة من تقاطع مصالح أميركية وروسية تميل إلى إدارة التصعيد لا إنهائه. بهذا، برزت معادلة جديدة قوامها: الميدان يفرض شروط السياسة، والسياسة تمنح الغطاء للميدان.

وعلى المستوى المحلي والمعيشي، برز تأثير انتهاكات الاحتلال الإسرائيلية لعى الأمن الاقتصادي في محافظة القنيطرة. فقد شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات تراوحت بين 20 و120%، خصوصاً في المواد الغذائية والوقود، نتيجة انقطاع خطوط الإمداد وتعطّل النشاط الزراعي في مناطق التماس. فارتفع سعر كيلو الفروج في الريف الشمالي من 25 إلى 57 ألف ليرة سورية، وسعر لتر زيت الزيتون في حوض اليرموك من 50 إلى 70 ألفاً، في حين سجلت المواد الإنشائية والطاقة ارتفاعات مشابهة، ما عمّق الفوارق الجغرافية بين القرى المتاخمة للخط الحدودي وتلك الأبعد عنه. هذه المؤشرات تُبرز بوضوح أن الضغط الميداني الإسرائيلي لم يعد ذا طابع أمني فحسب، بل تحوّل إلى أداة اقتصادية لإضعاف صمود السكان عبر خنق سلاسل التوريد وتقييد حرية الحركة والعمل.

وفي المقابل، أظهرت الدراسات البحثية الصادرة خلال الشهر أن الجنوب السوري أصبح محوراً رئيسياً في إعادة رسم توازنات ما بعد سقوط النظام السوري السابق. إذ تناولت أبحاث صادرة عن معاهد دولية مثل “معهد واشنطن” و”كارنيغي” و”المركز العربي للأبحاث” طبيعة العلاقة الجديدة بين دمشق وتل أبيب، ورؤية إسرائيل لما تسميه “السلام الوقائي” الذي يربط التطبيع بالأمن ويؤسس لتفاهمات محدودة دون تسوية شاملة.

لتحميل التقرير

التقرير السردي لشهر أكتوبر 2025

ما هو مركز سجل؟

سجل هو مركز يُعنى برصد العمليات الإسرائيلية في سوريا، وتحديداً جنوب سوريا. أُسّس المركز ليوفّر بيانات موثّقة ومُرتّبة للباحثين والأكاديميين وصناع القرار، ولإعلاء وعي الشعب السوري بخطر التجاوزات الإسرائيلية في سوريا.