ينقسم هذا الموجز الدوري إلى قسمين اثنين. يمرّ القسم الأول سريعاً على أبرز المقالات التي نُشرت في الصحف الإسرائيلية عن سوريا، ويُخصّص القسم الثاني لتقريرٍ واحد، فيتمّ نشر نسخةٍ مترجمةٍ منه وتذييله بتعليقاتٍ سريعة.
في هذا الشهر، أكتوبر 2025، يستعرض موجز الصحافة العبرية تقريراً نشرته صحيفة معاريف بتاريخ 23 أكتوبر 2023 لتحليل أجراه يعقوب لابين في مركز ألما للدراسات يتحدث عن منافسة بين القوى العظمى على استثمارات ضخمة لإعادة إعمار سوريا
أولاً: أهمّ ما نُشر في الصحافة العبرية عن سوريا في أكتوبر 2025
15 أكتوبر 2025 – معاريف (Maariv)
بينما كان يمنح اللجوء للأسد، استضاف بوتين في موسكو رئيس سوريا الجديد، الشرع.
ملخص: وصل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى موسكو في أول زيارة له منذ توليه منصبه بعد سقوط نظام الأسد، في إطار مساعٍ دبلوماسية لإعادة ترتيب العلاقات السورية – الروسية. تشير التقارير إلى أن الشرع سيناقش مع الرئيس فلاديمير بوتين ملف تسليم الأسد ومحاكمته داخل سوريا، ومن المتوقع أن ترفض روسيا طلب التسليم. إضافة إلى مستقبل التعاون العسكري والاقتصادي بين البلدين في المرحلة الانتقالية.
20 أكتوبر 2025 – معاريف (Maariv)
سوريا ورفع العقوبات (وفقًا لتحليل توم باراك)
منذ ديسمبر 2024، تعمل القيادة السورية الجديدة على المصالحة الإقليمية وتجديد العلاقات مع تركيا والسعودية والإمارات ومصر والدول الأوروبية. تدعو الإدارة الأمريكية الكونجرس لإلغاء “قانون قيصر” (العقوبات)، الذي يقول باراك إنه “يخنق دولة تسعى لإعادة بناء نفسها”. في يونيو 2025، وُقِّع أمر رئاسي رفع العقوبات إلى حد كبير، وهي خطوة تهدف إلى “تحويل العقاب إلى شراكة” ودعم إعادة إعمار البنية التحتية المدنية في سوريا. رفع العقوبات، حسب باراك، هو خطوة “استراتيجية” لربط الاستقرار والأمن باقتصاد قوي.
21 أكتوبر 2025 – إسرائيل اليوم (Israel Hayom)
ارتفاع تاريخي في تجنيد دروز الجولان.
وفقًا للمعطيات، انضم نحو 150 درزياً من مرتفعات الجولان إلى صفوف الجيش الإسرائيلي منذ حرب “السيوف الحديدية”، بزيادة تفوق 600% عن السابق. ويأتي هذا التحول بعد انهيار نظام الأسد. ويشير التقرير إلى أن جنود الاحتياط الجدد يفتخرون بارتداء الزي العسكري، كما سجل ارتفاع حاد في طلبات الحصول على الجنسية الإسرائيلية بالتوازي مع التجنيد.
23 أكتوبر 2025 – والا (Walla)
إحباط تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان.
أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي اليوم (الخميس) عن إحباط عملية تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان في منطقة جبل الشيخ الليلة الماضية. وجاء في بيانه: “في إطار ذعملية ليلية، اعتقلت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من لواء “الجبال”، بالتعاون مع الوحدة 504، عددًا من المشتبه بهم الذين حاولوا تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان في منطقة جبل الشيخ في سوريا”.
26 أكتوبر 2025 – صحيفة جيروزاليم بوست (Jerusalem Post)
وزير الخارجية السوري يتهم إسرائيل بالسعي إلى فرض واقع جديد في الجنوب السوري.
ملخص: اتهم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إسرائيل بتبنّي مشروع توسعي يهدف إلى زعزعة استقرار الجنوب السوري، مؤكداً أن دمشق لن تسمح بفرض أي واقع جديد على الأرض. كما شدّد على أن الحكومة المؤقتة تعمل على إعادة بناء العلاقات الدولية المتوازنة، مشيراً إلى انفتاح دمشق على التعاون مع الصين وتعزيز التنسيق مع موسكو رغم الخلافات حول إرث الأسد.
26 أكتوبر 2025 – معاريف (Maariv)
العنوان: الرئيس الشرع يتجه لحضور مؤتمر استثماري بالسعودية.
ملخص: تواصل سوريا مسيرتها نحو العودة إلى الساحة العالمية، حيث من المتوقع أن يحضر الرئيس الشرع المؤتمر الاستثماري السنوي في العاصمة السعودية هذا الأسبوع. في غضون ذلك، صرّح وزير الاستثمار السعودي بأن أهداف “رؤية 2030” تتقدم كما هو مخطط لها.
27 أكتوبر 2025 – موقع Times of Israel
العنوان: الولايات المتحدة تعلن عن مساعدات إنسانية لستين ألف سوري في الجنوب.
ملخص: أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن تقديم مساعدات عاجلة لأكثر من 60 ألف شخص من الدروز والمسيحيين والبدو في جنوب سوريا، تشمل الغذاء والمياه وإعادة تأهيل المساكن. وجاء الإعلان في ظل ظروف إنسانية متدهورة تعيق عودة النازحين إلى قراهم، وسط استمرار العمليات الأمنية في محيط السويداء ودرعا. ووصفت واشنطن هذه الخطوة بأنها دعم مباشر لعملية الاستقرار التي تشرف عليها الحكومة السورية المؤقتة.
27 أكتوبر 2025- هيئة البث الإسرائيلية
إسرائيل أبلغت المسؤولين الأمريكيين الذين زاروها خلال الأيام الماضية أن حزب الله هرّب مئات الصواريخ قصيرة المدى من سوريا إسرائيل أبلغت المسؤولين الأمريكيين أنها ستواصل هجماتها القوية على لبنان لأنها تعتبر أفعال حزب الله خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار
ثانياً: بدون طلقة واحدة
اسم التقرير: بدون طلقة واحدة: أردوغان يصيغ البديل القاتل للحرب مع إسرائيل بعد سقوط الأسد
تاريخ النشر: 23 أكتوبر 2025
صحيفة معاريف
تتحول سوريا إلى ساحة منافسة بين القوى العظمى على استثمارات ضخمة لإعادة إعمار البلاد – هذا وفقاً لتحليل أجراه يعقوب لابين من معهد ألما، الذي يقول إن رؤية الشرع تتناقض مع الواقع على الأرض
بعد نحو عشرة أشهر من الإطاحة بنظام الأسد وتأسيس نظام سني مسلم بدلاً منه برئاسة الرئيس أحمد الشرع، يدور صراع جديد على مستقبل سوريا – وهذه المرة بعملة من نوع آخر: استثمارات في إعادة الإعمار. وفقاً لتحليل أجراه يعقوب لابين من معهد ألما، قدمت الحكومة “الانتقالية”، التي تبدو بشكل متزايد كنظام أوتوقراطي دائم، رؤية طموحة لـ”سوريا جديدة” في خطاب تاريخي ألقاه الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر. هدف رؤية الشرع لإعادة إعمار سوريا، كما قال، هو “طي صفحة من الماضي التعيس” وإعادة دمج الدولة في المجتمع الدولي. ومع ذلك، وفقًا للابين، فإن هذه الرؤية تتعارض مع الواقع على الأرض: فبينما يبث الرئيس الجديد مواقف معتدلة في حملة مُخطَّطة جيدًا تجاه الغرب، يقوم في الوقت نفسه ببناء جيش يتكون جزئياً من مليشيات سنية جهادية مدعومة من تركيا، بينما ارتكبت قواته مذابح بحق الأقليتين الدرزية والعلوية وتُرى علامات مقلقة أخرى في نظام التعليم: مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت. تُظهر معلمين في مدارس دمشق يدرسون الأطفال بأن دستور الدولة هو القرآن وأن هدفهم هو “تحرير المسجد الأقصى” في القدس.
تُقدّر تكاليف إعادة الإعمار بين 250 مليار دولار و400 مليار دولا، ووفقاً لتصريحات الشرع قد تصل حتى إلى 900 مليار دولار. وبما أن القدرة الاقتصادية لدمشق محدودة، فإن التعافي يعتمد بشكل شبه كامل على رأس المال الأجنبي. يشير لابين إلى أن هذا الواقع خلق بوتقة جيوسياسية جديدة: تتنافس القوى الإقليمية والدولية على النفوذ من خلال التزامات بمليارات الدولارات للاستثمار في البنية التحتية، والطاقة، والتمويل – وهي أدوات استراتيجية مصممة لتحقيق سيطرة سياسية واقتصادية في سوريا.
الحملة الاستثمارية والصراع لرفع العقوبات
وفقاً للابين، يدير الشرع منذ وصوله إلى السلطة حملة دبلوماسية اقتصادية منسقة بهدف كسب الشرعية الدولية، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وتأمين رأس المال اللازم لإعادة إعمار الدولة. استجابت إدارة ترامب بشكل إيجابي وأمرت برفع جزئي للعقوبات في 30 يونيو 2025. وقد بلغت الحملة ذروتها في خطاب الشرع بالأمم المتحدة، حيث تجنب اللغة الإسلامية لصالح نداء عملي للمستثمرين.
يشير لابين إلى أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أيضاً قام بزيارة تاريخية إلى واشنطن واجتمع مع مسؤولين أمريكيين كبار لمناقشة مسار رفع العقوبات. بالتوازي، أنشأت الحكومة في دمشق لجانًا للعدالة الانتقالية والتحقيق في المفقودين – وهي خطوات تهدف إلى الإشارة إلى الانفصال عن فترة الأسد، لكن وفقاً لتحليل لابين فإن هذا مجرد تحرك شكلي (تجميلي).
الدستور الانتقالي الجديد، الذي وُقع في مارس 2025، ركّز صلاحيات واسعة في يد الرئيس وزاد المخاوف من القمع السياسي وغياب الشفافية. كما صُممت الانتخابات التي حُددت لأكتوبر 2025 بحيث يعيّن الرئيس ثلث أعضاء البرلمان مباشرة، بينما يُنتخب الثلثان المتبقيان من قبل هيئات مُعيّنة مسبقًا. علاوة على ذلك، أُجلت الانتخابات إلى أجل غير مسمى في المحافظات الدرزية والكردية بحجة “المخاوف الأمنية”. في تقييم لابين، فإن إقصاء أبناء الأقليات إلى جانب العنف ضدهم يوضح الفجوة بين صورة الشرع كقائد معتدل وبين السياسة الفعلية. يطبق النظام الجديد إصلاحات اقتصادية واجتماعية ضمن إطار مركزي، مع تهميش مجموعات رئيسية مثل الأكراد والدروز – وهو ما قد يُحيي من جديد تلك الشكاوى التي أدت إلى الحرب الأهلية.
تكاليف إعادة الإعمار حوّلت سوريا إلى ساحة معركة اقتصادية
وفقاً للابين، يركز النظام على الاستقرار الاقتصادي وليس على الإصلاحات السياسية. يهدف إنشاء “صندوق التنمية السوري” واستقطاب الشركات الدولية مثل ماستركارد إلى إظهار الانفتاح الاقتصادي. ويرى أن سوريا تسعى بذلك لإقناع الغرب بتجاهل غياب الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان.
يقول يعقوب لابين إن التكاليف الهائلة لإعادة الإعمار حوّلت سوريا إلى ساحة معركة اقتصادية بين القوى الإقليمية. في 4 سبتمبر، أُطلق صندوق التنمية السوري – وهو مؤسسة وطنية تابعة مباشرة للرئاسة، ومُخصصة لتجميع التبرعات والمنح لإعادة إعمار البنية التحتية. تجاوزت التبرعات حاجز 80 مليون دولار في غضون أسابيع، لكن لابين يحذر من أن غياب الرقابة المستقلة وتبعيتها للرئيس يثير مخاوف كبيرة من الفساد.
الصراع الأبرز هو بين دول الخليج وتركيا وفقاً للابين
قطر، وهي داعم قديم للإخوان المسلمين، التزمت بأكثر من 7 مليارات دولار في استثمارات بمحطات الطاقة والغاز الطبيعي. التزمت السعودية بـ 6.4 مليار دولار بهدف كبح النفوذ القطري والإيران تستغل تركيا قربها الجغرافي وقوتها الصناعية للسيطرة على حصة مركزية في سوق إعادة الإعمار، من خلال مشاريع بمليارات الدولارات في المطارات وأنظمة الطاقة يؤكد لابين أن التوغل الاقتصادي لأنقرة هو أيضًا أداة استراتيجية: فمن خلالها تحقق نفوذاً مباشراً على دمشق في القضايا الأمنية – وخاصة على مستقبل القوات الكردية في شمال سوريا.
وفقًا لتحليله، شكل سقوط نظام الأسد ضربة قاسية للمحور الإيراني الشيعي. ذهبت الاستثمارات الإيرانية الضخمة، التي قُدرت بعشرات المليارات من الدولارات، أدراج الرياح، وانقطع الممر البري لحزب الله. روسيا، التي كانت بمثابة “القوة الجوية” للمحور، غيّرت نهجها وسعت للحفاظ على قواعدها في طرطوس وحميميم. ولكن مكانتها الاقتصادية تآكلت أيضًا: ألغت دمشق عقد الميناء لشركة Stroytransgaz الروسية ومنحته لشركة DP World من الإمارات العربية المتحدة.
في أكتوبر 2025، زار الشرع موسكو لإعادة ترسيخ العلاقات، ومناقشة الأمن وإعادة الإعمار، وحتى طلب تسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد. بالتوازي، وافق الشرع على استمرار الوجود الروسي في الأراضي – ويشير إلى رغبته في الاستعانة بها للحد من النشاط الإسرائيلي في جنوب سوريا.
وختاماً، يرى لابين أن الحكومة السورية الجديدة تركز حالياً على إعادة الإعمار الاقتصادي واستقطاب رأس المال من دول الخليج والغرب، ولكن تحت السطح تظل الأيديولوجية الجهادية نشطة. لقد ضعف المحور الإيراني الشيعي، ولكن ينمو بدلاً منه “الهلال السني” بقيادة تركيا وقطر – وهو ليس موالياً لإسرائيل ولا موالياً للغرب بطبيعته. تركيا، التي تحافظ على موقف عدائي تجاه إسرائيل، تعزز سيطرتها الاقتصادية والأمنية على شمال سوريا – وهو اتجاه سيؤثر بلا شك على المنطقة بأكملها. ويخلص لابين إلى أنه على الرغم من أن إعادة الإعمار تجلب تدفقًا من الاستثمارات والوعود، فليس هناك يقين بشأن وضع سوريا بعد عقد من الزمان – أو ربما حتى صباح الغد.




