موجز الصحافة العبرية، 1-14 نوفمبر 2025

ينقسم هذا الموجز الدوري إلى قسمين اثنين. يمرّ القسم الأول سريعاً على أبرز المقالات التي نُشرت في الصحف الإسرائيلية عن سوريا، ويُخصّص القسم الثاني لتقريرٍ واحد، فيتمّ نشر نسخةٍ مترجمةٍ منه وتذييله بتعليقاتٍ سريعة.

خلال 1-14 نوفمبر 2025، يستعرض موجز الصحافة العبرية تقريراً نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت عن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع للبيت الأبيض، وعن مناورات يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في لبنان.

أولاً: أهمّ ما نُشر في الصحافة العبرية عن سوريا في الفترة 1-14 نوفمبر 2025

6 نوفمبر – هآرتس 

العنوان: الولايات المتحدة تستعد لنشر قوة عسكرية في قاعدة بدمشق لمراقبة الاتفاق السوري-الإسرائيلي

تقع القاعدة في منطقة تتيح الوصول إلى أجزاء من جنوب سوريا يُفترض أن تكون جزءاً من منطقة منزوعة السلاح. يأتي ذلك في إطار اتفاق تحاول إدارة ترامب إطلاقه، تلتزم بموجبه كل من إسرائيل وسوريا بالامتناع عن القيام بعمليات عسكرية ضد بعضهما البعض.

6 نوفمبر – يديعوت أحرونوت

قبل زيارة البيت الأبيض: الأمم المتحدة ترفع العقوبات عن الرئيس السوري

“إنه قوي، لكننا ننسجم جيداً.” هكذا وصف الرئيس الأمريكي الشرع، بعد أن قرر مجلس الأمن، شبه بالإجماع، رفع العقوبات المفروضة عليه. امتنعت الصين عن التصويت قائلة: “نخشى من الإرهاب في البلاد.”

7 نوفمبر – موقع والا

ترامب يلمح إلى تطبيع: “سنلتقي بالرئيس السوري، وقد تحقق تقدم”

تحدث رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب اليوم (الجمعة) مع الصحفيين خلال العشاء الرسمي مع منتدى C5+1، ولمّح إلى تطبيع وشيك مع سوريا قائلاً: “سنلتقي بالرئيس السوري، وقد تحقق الكثير من التقدم. بناءً على طلب إسرائيل وتركيا، رفعنا العقوبات عن سوريا للسماح للسوريين بالاستقرار. إيران أيضاً طلبت رفع العقوبات عنها، وهي عقوبات ثقيلة. أنا منفتح على الاستماع ورؤية ما سيحدث. الرئيس السوري حتى الآن يقوم بعمل جيد”، بحسب قوله.

8 نوفمبر – والا  

الولايات المتحدة وبريطانيا ترفعان رسمياً العقوبات عن الرئيس السوري

أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا اليوم (السبت) الرفع الرسمي للعقوبات عن الرئيس السوري الشرع ووزير داخليته أنس حسن خطاب، وذلك قبيل لقاء الشرع مع دونالد ترامب في البيت الأبيض يوم الاثنين.
ويأتي ذلك بعد يومين من اعتماد مجلس الأمن قراراً، بمبادرة من الولايات المتحدة، يقضي بشطب الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس حسن خطاب من قائمة العقوبات.

10 نوفمبر – هآرتس 

الشرع سيلتقي ترامب في البيت الأبيض اليوم، في أول زيارة للرئيس السوري إلى واشنطن

عشية القمة، أعلنت الحكومة في دمشق أنها بدأت عملية واسعة النطاق ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ومن المتوقع أن يستغل الرئيس السوري الزيارة للدفع نحو رفع ما تبقّى من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على بلاده.

10 نوفمبر – يديعوت أحرونوت

ترامب يلتقي الشرع في البيت الأبيض: “أنا أتناغم معه، ولجميعنا ماضٍ إشكالي” 

صور تاريخية من واشنطن: الشرع، الذي وصل إلى البيت الأبيض عبر مدخل جانبي بخلاف بقية القادة، هو أول رئيس سوري يصل إلى هناك على الإطلاق – وبذلك يكتمل مسار “تلميع صورته”، وهو الشخص الذي قال قبل أربع سنوات فقط إنه لا يمكن إلا أن يفرح بهجمات 11 سبتمبر.
ترامب: “نعمل لضمان توصل إسرائيل إلى اتفاق مع سوريا”.

11 نوفمبر – هآرتس 

الرئيس السوري: لن ندخل الآن في مفاوضات مباشرة حول الانضمام إلى اتفاقات أبراهام، وربما تساعد إدارة ترامب في ذلك

قال الشرع بعد لقائه ترامب في البيت الأبيض إن علاقاته مع الميليشيات المرتبطة بالقاعدة أصبحت “من الماضي”.
ترامب: “ناقشنا تعقيدات السلام في الشرق الأوسط، وأتطلع إلى لقائه والتحدث معه مرة أخرى.”
وانضم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى الاجتماع، وقال نظيره الأمريكي إنهم بحثوا وقف إطلاق النار في غزة والخطوات التالية لضمان الاستقرار في المنطقة.

11 نوفمبر – يديعوت أحرونوت

فشل “اللوفر” السوري: سرقة في المتحف الوطني بدمشق، سرقة تماثيل أثرية
بعد اندلاع الحرب الأهلية في 2011، عندما تم قصف المواقع الأثرية ونهب المتاحف في جميع أنحاء سوريا، نُقلت القطع الأثرية إلى عهدة متحف في العاصمة، والذي اعتُبر أكثر أمانًا. ولم يتم إعادة تشغيله بالكامل إلا هذا العام بعد الإطاحة بنظام الأسد. وقد تبيّن الآن أن نافذة متجرية تم اقتحامها ليلة أول أمس، وسرق اللص ستة تماثيل رخامية واختفى. وتم استجواب الموظفين.

11 نوفمبر – واي نت 

الشرع يوجّه ضربة لإسرائيل ويصرّح: يجب أن تنسحب، وترامب يساندنا
صرّح الرئيس السوري أن “اتفاقية نزع السلاح” في المنطقة جنوب دمشق ستكون صعبة التوصل إليها، وأوضح أن الاتفاق مع إسرائيل لن يتحقق إلا إذا انسحبت من الأراضي التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد، وسخر قائلاً: “احتلت إسرائيل الجولان للدفاع عن نفسها، ثم جنوب سوريا للدفاع عن الجولان – وفي غضون سنوات قليلة سيصلون إلى ميونيخ هكذا”.

12 نوفمبر – يديعوت أحرونوت

الجولاني يسيطر على أمريكا
زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة كانت ناجحة بشكل كبير. قدم إجابات دبلوماسية على قضايا معقدة مثل التعامل مع العلويين والدروز، واعترف علنًا بأن “هناك حوارًا مباشرًا مع إسرائيل”، وأدهش الجميع بإعلانه أنه سينضم إلى التحالف ضد داعش. الإدارة الأمريكية لا تزال متشككة، لكنها مفتونة.

13 نوفمبر – معاريف 

بعد الزيارة التاريخية للجولاني: البيت الأبيض يعلن بيانًا دراماتيكيًا
أعلن المبعوث الأمريكي توم باراك أن سوريا ستساهم الآن في مكافحة داعش، والحرس الثوري، وحماس، وحزب الله، وذلك بعد زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض وانضمام دمشق إلى التحالف الدولي.

ثانياً: الخوف من أن يطالب ترامب بتنازلات استراتيجية في سوريا – والاستعدادات لمناورة في لبنان

13 نوفمبر 2025 – يديعوت أحرنوت 

تتقدم الجرافات والمعدات الهندسية حالياً عبر الطريق المعبدة المؤدية إلى ارتفاع 2,800 متر في القمة الثلجية لجبل حرمون (جبل الشيخ)، وهو مسار كان قبل عام واحد فقط تحت سيطرة قوات النظام السوري. ويعمل مقاولون إسرائيليون على تجديد موقعي “مزودة” و”تاج حرمون” تحضيراً لفصل الشتاء المقبل، في خطوة يراها المستوى العسكري الإسرائيلي امتداداً لطول البقاء في هذه النقاط الاستراتيجية، رغم احتمال أن تتبنى كل من واشنطن ودمشق رؤية مغايرة بعد اللقاء التاريخي الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي في البيت الأبيض هذا الأسبوع.

وتشير التقارير  إلى أن المحادثات التي جرت في الأشهر الأخيرة، والتي أُجريت على مستوى منخفض بين ممثلين عن حكومة نتنياهو وممثلين عن حكومة الجولاني، لم تؤت ثمارها بعد. على أي حال، تهدف المحادثات إلى التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، بدلاً من الاتفاق المماثل الذي كان ساريًا بين نظام الأسد، الأب والابن، منذ عام 1974 حتى سقوط النظام العلوي في سوريا قبل حوالي عام. هذا ليس اتفاق تطبيع وبالتأكيد ليس اتفاق سلام يحقق حلم تناول “الحمص في دمشق” للعديد من الإسرائيليين – ولكن حتى اتفاق وقف إطلاق النار الذي يقترب الآن قد يكون إشكالياً لإسرائيل، إذا فرضه الرئيس دونالد ترامب أيضاً على نتنياهو – على غرار اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، الذي تركوه في السلطة في غزة، في الوقت الحالي.

وتؤكد المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية ضرورة عدم التخلي عن القمة السورية لجبل حرمون، باعتبارها نقطة استراتيجية حيوية لأمن الجبهة الشمالية. فمن هذا الموقع يمكن رصد التحركات العسكرية بدقة عالية، وصولاً إلى تحديد نوع المركبات التي تتوجه نحو مواقع حساسة مثل مقر الفرقة 210 في معسكر نبعة. كما يوفر الجبل إشرافًا فعالاً على مسارات تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وخصوصاً تلك التي يستخدمها حزب الله؛ وهي مسارات شهدت نشاطًا متزايدًا خلال الأشهر الأخيرة، ما دفع القوات الإسرائيلية المتمركزة هناك إلى تنفيذ عمليات متواصلة للتعطيل والإحباط.

وتنتشر في الجولان السوري ثماني نقاط عسكرية إسرائيلية إضافية، تتميز ببنى تحتية محصنة جرى تطويرها تدريجيًا لتحسين أداء المقاتلين وظروف انتشارهم. وتقع هذه المواقع على بعد بضعة كيلومترات داخل الأراضي السورية، بين قرى منطقة حوران التي يصل عدد سكانها إلى نحو 70 ألف نسمة. وحتى الآن، لم تسجّل احتكاكات كبيرة بين القوات الإسرائيلية والسكان المحليين، باستثناء حوادث محدودة رفض فيها بعض السكان تسليم أسلحتهم الفردية.

  • مخاوف بشأن تورط أردوغان

تميل إسرائيل إلى بحث إمكانية الانسحاب من بعض المواقع التي سيطرت عليها في الجولان السوري، كما يطالب الرئيس السوري، مقابل إعادة صياغة اتفاق لوقف إطلاق النار يضمن لها استمرار حرية العمل ضد أي تهديدات إرهابية قائمة أو محتملة في هذا القطاع. ويستند هذا النقاش إلى قناعة راسخة لدى المؤسسة الأمنية بأن حزب الله وإيران عملا خلال العقد الماضي على ترسيخ بنى تحتية عسكرية في الجنوب السوري، ما يجعل أي انسحاب غير مشروط خطوة تنطوي على مخاطر استراتيجية. وفي هذا السياق، شدّد وزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال العام الماضي على أن إسرائيل لن تنسحب من القمة السورية لجبل حرمون، التي سيطرت عليها دون مقاومة عقب سقوط النظام، مشيراً إلى أن القرارات المرتبطة بمستقبل هذا الموقع الحساس ستتأثر بصورة رئيسية بمداولات واشنطن وأنقرة.

وتعبّر الدوائر الأمنية الإسرائيلية عن قلق متزايد من التقارب بين الرئيس ترامب والرئيس أردوغان، الذي يشكل قناة اتصال أساسية بين الشرع وواشنطن. ويأتي هذا القلق في ظل دور تركي متصاعد في دعم القوات السورية الناشئة، حيث زوّدتها أنقرة خلال العام الماضي بأسلحة خفيفة، مع توقعات بأن يتوسع هذا الدعم ليشمل منظومات أثقل وأكثر تأثيراً. وتخشى إسرائيل بشكل خاص سيناريو تزويد هذه القوات بأنظمة دفاع جوي روسية الصنع من طراز S-400، لما قد يمثله ذلك من تحوّل نوعي قادر على رفع مستوى قوة الشرع بشكل كبير، وإعادة تشكيل ميزان القدرات في الجبهة الشمالية عبر فرض قيود جدّية على حرية الحركة الجوية الإسرائيلية.

  • شرعية متنامية وقلق متصاعد: موقع الشرع في المعادلة الأميركية-الإسرائيلية

تتعامل المؤسستان الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل والولايات المتحدة مع ظاهرة الشرع (الجولاني) بوصفها حالة مركبة يصعب حسم تقييمها بشكل نهائي. فمن ناحية، يُعاد تقديمه في السياق السوري الجديد كقائد يتمتع بكاريزما واضحة ويسعى إلى توحيد البلاد وإدماج مكوّناتها المتعددة، مع إظهار انفتاح على القنوات الغربية. ومن ناحية أخرى، تستمر المخاوف المرتبطة بجذوره التنظيمية وفريقه المحيط، الذي لا يزال يضم شخصيات ذات توجهات عقائدية مناوئة بشدة لإسرائيل، ما يجعل أي تقارب أميركي معه موضع شكوك عميقة لدى تل أبيب.

وقد ازداد هذا القلق حدّة في أعقاب الاستقبال اللافت الذي حظي به الشرع في البيت الأبيض، والذي اعتبرته النخبة الأمنية الإسرائيلية سابقة في منح شرعية سياسية وإعلامية غير مسبوقة لشخصية كانت لسنوات مصنفة كـ”عدو مطلوب”. وازدادت الدهشة حين ظهر الشرع وهو يمارس كرة السلة بصورة ودّية مع قائد القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، الجنرال براد كوبر، في مشهد يوحي بعلاقة شخصية تتجاوز إطار التنسيق العسكري التقليدي. وفي هذا السياق، مثّل اللقاء الذي جمع كوبر بالشرع في دمشق قبل ثلاثة أشهر(مع اصطحابه زوجته)، إشارة رمزية إلى رغبة واشنطن في إعادة بناء قناة اتصال سياسية مباشرة مع دمشق، في وقت تعمل فيه الإدارة الأميركية على إعادة تموضع أوسع في المنطقة وتخفيف حضورها العسكري دون التخلي عن نفوذها العملياتي.

في المقابل، ترى إسرائيل أن منح الشرع هذا المستوى من القبول الدولي قد يؤدي إلى تحوّل في بنية القوة السورية الناشئة. إذ تشير التقييمات الاستخباراتية إلى أن ميليشيات الشرع لا تزال تعتمد على قدرات حرب العصابات عبر الشاحنات الخفيفة والمدافع الرشاشة والطائرات المسيّرة، غير أن أي تزويد تركي محتمل بأنظمة تسليح متقدمة (وبشكل خاص منظومات دفاع جوي أو أسلحة ثقيلة)، سيحوّل هذه القوة إلى مستوى نوعي مختلف، وربما يحد من حرية العمل الجوية لإسرائيل في الجبهة الشمالية.

كما تتوقع إسرائيل أن يتخذ الجيش السوري الجديد، الذي يهاجم الجيش الإسرائيلي ما تبقى من معداته القديمة أسبوعياً، شكلاً غير تقليدي، بعيداً عن نموذج الجيوش العربية الثقيلة. وتلاحظ الأجهزة الأمنية أن انتشار قوات الشرع يتمركز شمالاً في إطار إعادة تثبيت السيطرة في المناطق البعيدة عن دمشق، فيما تتراجع أهمية الجنوب (خصوصاً الحدود مع إسرائيل)، في أولويات النظام الجديد. ويزداد هذا المشهد تعقيداً مع استمرار التوتر بين الدروز والبدو في جنوب سوريا واحتمال مطالبة إسرائيل بترتيبات أمنية تمنحها حرية تدخل موضعية، خاصة من الجو، لحماية المجتمعات الحليفة لها في حال تدهور الوضع الأمني.

وبذلك، تتشكل معادلة دقيقة: شرعية أميركية متنامية للشرع تقابلها مخاوف إسرائيلية متصاعدة من إعادة تشكيل ميزان القوة في سوريا. هذه الازدواجية تجعل موقع الشرع نقطة توتر مفتوحة بين واشنطن وتل أبيب، مع إمكانية أن يتحول إلى فاعل يمتلك نفوذاً أكبر مما ترغب إسرائيل في محيط حدودها المباشرة.

  • الاقتراب من تحرك هجومي ضد حزب الله

في الساحة اللبنانية، بات الجيش الإسرائيلي يقترب من تنفيذ هجوم محدود ضد حزب الله، يقوم على استهداف مواقع إنتاج السلاح عبر ضربات جوية مركّزة في مختلف المناطق اللبنانية، ولا سيما في سهل البقاع وبيروت. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنّ هذه المنشآت، التي تُخفى عادة تحت الأرض أو ضمن مناطق سكنية، تتيح للحزب إمكانات تقنية لتحويل الصواريخ التقليدية الثقيلة إلى صواريخ دقيقة عبر تعديل رؤوسها الحربية. كما تقدر إسرائيل امتلاك الحزب عشرات الآلاف من هذه الصواريخ، إلى جانب آلاف الصواريخ الأخرى، مع قدرات متنامية على إنتاج أعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة، بما في ذلك المسيّرات الهجومية، منذ انتهاء الحرب الأخيرة.

وتشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن قدرة حزب الله على تنفيذ عمليات اقتحام داخل الأراضي الإسرائيلية استعادت جزءاً من فعاليتها، معتمدة على وحدات الرضوان. فخلافاً لمتطلبات وقف إطلاق النار، عاد عناصر الحزب تدريجياً إلى محيط الحدود. ورغم أنّ هذه العودة لا تمثل إعادة تموضع شامل على خطوط التماس السابقة، إلا أنّها تُظهر إعادة تنظيم واضحة في البلدات الواقعة بين نهر الليطاني والحدود، مثل النبطية، بما يعكس استعداداً لمرحلة عملياتية لاحقة.

ولا يزال الجيش الإسرائيلي يحتفظ بخمسة مواقع عسكرية في جنوب لبنان، تمتد على نحو 135 كيلومتراً من الحدود بين جبل دوف ورأس الناقورة، وتقع مباشرة على خط التماس، على مسافة تتراوح بين 500 و1000 متر من السياج الحدودي. وقد ارتبط النقاش حول أي ترتيبات مستقبلية مع الحكومة اللبنانية بالقرار الذي اتخذته بيروت قبل نحو ستة أشهر حول نزع سلاح حزب الله. إلا أن التقييم الإسرائيلي يشير إلى أن هذه المهمة تتجاوز قدرات الجيش اللبناني، وأن تطبيقها يجري بوتيرة بطيئة وغير قادرة على موازاة قدرات الحزب المتجددة؛ إذ مقابل كل منصة صواريخ يصادرها الجيش اللبناني، يجري تجهيز منصة جديدة في البقاع. وعلى الرغم من وجود مستوى معين من التنسيق في إطار عملية “درع الجنوب”، يبقى الضغط العسكري المباشر(وفق الرواية الإسرائيلية)، الخيار الأكثر فاعلية لتعطيل بنية الإنتاج العسكري للحزب، كما يظهر في استهداف موقع استراتيجي في البقاع للمرة التاسعة منذ بدء وقف إطلاق النار.

وفي خطوة إضافية هذا الأسبوع، دمّر مقاتلو اللواء 769 عدة مبان في قرية حولا بعد التحقق من إعادة استخدامها من قبل حزب الله، رغم أن البلدة كان يفترض أن تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي خلال المناورة القصيرة لـ”عملية السهام الشمالية” قبل نحو عام. وكان قد عُثر الشهر الماضي على عبوات ناسفة قديمة داخل هذه المباني، إلا أنّ الحزب استأنف استخدامها استعداداً لعمليات مستقبلية. ووفق الجيش الإسرائيلي، جرى خلال الشهر الجاري القضاء على نحو عشرين عنصراً من الحزب عبر سلسلة من الضربات الجوية التي استهدفت مواقع متعددة في القطاع.

استنتاجات حول التحولات الاستراتيجية وتوازنات الضغط الأميركي-الإسرائيلي في الجبهتين السورية واللبنانية

تُظهر المعطيات الواردة في مقال يديعوت أحرونوت، أن الخطاب السياسي والعسكري المتعلق بالقمة السورية لجبل حرمون وبتحرّكات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان وجنوب لبنان يتجه نحو مرحلة تفاوضية معقّدة، تُهيمن عليها حسابات القوى الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة وتركيا. ففي ظل عودة واشنطن إلى لعب دور الوسيط الحاسم بين دمشق وتل أبيب، يبرز القلق الإسرائيلي من احتمال أن يدفع الرئيس ترامب نحو صيغة تسوية تتضمن تنازلات استراتيجية على الأرض السورية، خصوصاً في الجولان، مقابل تثبيت ترتيبات أمنية أوسع في الإقليم. هذا الاحتمال يفرض على المستويين السياسي والعسكري في أوساط الاحتلال الإسرائيلي إعادة تقييم توازن المكاسب والخسائر بين الحفاظ على مكاسب ميدانية تحققت عقب سقوط نظام الأسد في دمشق، وبين الدخول في منظومة تفاهمات قد تُحد من مرونة العمل العسكري على الجبهتين السورية واللبنانية.

في الوقت ذاته، يشير التصعيد المتدرج في الساحة اللبنانية إلى أن إسرائيل تمهّد لمرحلة عملياتية جديدة ضد حزب الله، ترتبط بقلق متزايد من تجدد نشاط وحدات الرضوان وبناء البنية التحتية الصاروخية في البقاع وجنوب لبنان. ويعكس هذا النهج رؤية إسرائيلية ترى أن تثبيت الردع على جبهة الشمال لا يمكن أن يتحقق عبر الترتيبات السياسية وحدها، بل يحتاج إلى ضغط ميداني متواصل يستهدف قدرات الإنتاج العسكري للحزب ويمنع ترسيخ قواعد اشتباك جديدة لصالحه. وفي هذا السياق، تكتسب الشكوك الإسرائيلية تجاه التقارب بين ترامب وأردوغان بُعداً إضافياً، إذ تخشى تل أبيب منح أنقرة هامشاً أوسع للتأثير على بنية الجيش السوري الجديد بأسلحة أو منظومات دفاعية تغيّر ميزان القوة في الجولان أو تحدّ من التفوق الجوي الإسرائيلي.

انطلاقاً من ذلك، تبدو المرحلة المقبلة مفتوحة على مسارين متوازيين:

·  الأول، تفاوضي تقوده واشنطن بهدف إعادة هندسة ترتيبات الحدود السورية-الإسرائيلية ما بعد سقوط النظام السابق.

·  الثاني، عملياتي تحضّر فيه إسرائيل لمناورة محسوبة ضد حزب الله لضمان عدم انتقال زمام المبادرة إلى خصومها في ظل التحولات السياسية الإقليمية.

وبهذا المعنى، فإن القلق الإسرائيلي لا يرتبط بالموقف السوري وحده، بل بنمط إعادة التموضع الأميركي في المنطقة، وبالسؤال الأكبر حول ما إذا كانت واشنطن تتجه نحو فرض إطار سياسي جديد يحدّ من هامش القرار الإسرائيلي، أم أنها ستمنح تل أبيب حرية العمل العسكرية المطلوبة لمواجهة التحديات في كل من سوريا ولبنان.